فواصل

المغربي ينشد العدالة والعيش الكريم..

حسن اليوسفي المغاري

المغربي ينشد العدالة والعيش الكريم..

 

من مظاهر الارتياح والعيش الكريم و الإحساس بالطمأنينة والأمان، توفُّر العدل وتحقيق العدالة؛ ذاك هو مبتغى كل مواطن وما ينشده في حياته.

حسن اليوسفي المغاري

المواطن المغربي يشتكي من انعدام العدل إذ يقدم باستمرار شكايات التظلم من الأحكام، والتباطؤ في تنفيذها، بل وعدم التنفيذ أيضا، إضافة إلى عدد التظلمات والشكايات التي تنعت الضابطة القضائية بالشطط في استعمال السلطة، ناهيك عن المواقف السلبية وغير القانونية للنيابة العامة والكثير من التصرفات المشبوهة للعديد ممن يمثلون الجسم القضائي.

العدل أساس الملك؛ حكمة قيلت منذ قرون خلت، وهي كذلك فعلا.

في المجتمعات المتقدمة نعلم أن التقاضي وصل مراحل متقدمة جدا من تحقيق العدالة، مراحل تجعل المواطن يثق في منظومته القضائية لدرجة أنك تكاد لا تجد من يشتكي بعد صدور الأحكام، بحيث يصبح الأمر استثناء، بينما عندنا هو القاعدة.
لدينا وزارة للعدل، وغالبا ما يحوز حقيبة العدل قانوني أو حقوقي، رجل من نفس القطاع، منتم لهيآت الدفاع والحقوق.. لكن واقع التقاضي وواقع الحقوق والحريات لا يتماشى والمبادئ الحقوقية الكونية المتعارف عليها.

المواطن ينشد الكرامة، مع العلم أن الكرامة لا تتحقق إلا بوجود العدالة.. عدالة اجتماعية، عدالة تنموية، العدالة والمساواة.. وأن تكون المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة، فلا فرق بين فُلان وعلاّن إلا بالعدل؛ لأن العدل أساس الملك.

عندما يتحدث المغربي عن حقه في العيش الكريم، فإنه لا يطلب سوى المساواة، المساواة في فرص العمل، المساواة في توزيع الثروات، المساواة في منح الامتيازات، المساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسيّة، وفي فرص التعليم، والرعاية الصحيّة والعناية بالفئات الهشة والمحرومة بالدعم المادي والمعنوي..

يواجه المواطن المغلوب على أمره تحديات اجتماعية واقتصادية جسيمة، نتيجة لضعف في تخطيط وتنفيذ العمل التنموي الذي مرّ من مجموعة تجارب ولجان لم تكن نتائجها دالة على صوابية الخيارات الاقتصادية التنموية الموجهة للفئات المحرومة والفقيرة، بل ولفئات المجتمع المتوسطة التي باتت بفعل السياسات الاجتماعية المنتهجة، غير قادرة على مواكبة متطلبات الحياة العادية.

فبالرجوع إلى البرنامج الحكومي المقدم من طرف رئيس الحكومة الجديدة، نقرأ أن السياسة التي ستنهجها هذه الحكومة سياسة تهدف بالأساس إلى تعزيز التوجه الاجتماعي، أو بالأحرى، هو بمثابة تنزيل لبرنامج لجنة النموذج التنموي الجديد..
لكن عندما نقرأ تلك الالتزامات المتمثلة في إحداث “مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال السنوات الخمسة المقبلة”، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وحماية وتوسيع الطبقة الوسطى، وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي… وجب طرح السؤال العريض عن مصدر تمويل هذه السياسة الطموحة، الأمر الذي لم يتم التطرق له في ذات البرنامج ولو بإشارات، وبالتالي ستظل علامات استفهام كبيرة حول طُرق تحصيل الموارد بعيدا عن القروض المالية من طرف المؤسسات الدولية المانحة التي أغرقتنا بالمديونية وملفات الخوصصة طيلة العشرين سنة الماضية.

الأكيد أن هناك تحديات أمام برنامج يتغيّـى تحقيق عدالة اجتماعية، لكن الواقع أيضا يفرض علينا البحث عن المؤشرات التي بإمكانها تحقيق ذلك البرنامج، أو جزء منه، سيما أمام الوضع الاقتصادي الوطني والإقليمي والدولي الناتج عن ظروف الجائحة خلال سنتين، وكذلك مدى توفر آليات تنزيل المشروع المجتمعي المسطر في تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد.

لقد خاض المواطن المغربي معارك عديدة من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، وهنا وجب التذكير بما اصطلح على تسميته إعلاميا بحراك الريف، وحراك جرادة، ومجموعة أخرى من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات كان أبرزها ملف الأساتذة وأزمة التعاقد وملف هيأة التمريض بمختلف تنسيقياتهما.. كذلك الشأن بالنسبة لحملة المقاطعة التي خاضها المغاربة سنة 2018..

إننا أمام تحديات كبرى سوف تظهر مُخرجاتها في أقرب الآجال، مُخرجات سيكون لها لامحالة الأثر السلبي، سياسيا واجتماعيا، إذا لم تتحقق الوعود التي ملأت أرجاء الحملة الانتخابية للأغلبية الحكومية الحالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى